ما علمني إياه جدّي يوم وفاته

الجمعة، ٢٣ أبريل ٢٠٢١


في صيف ٢٠٠٧، توفى جدي عبدالله بن صالح وافيه الغامدي بعد حياة قضاها متنقلًا بين الباحة ومكة وجدة والطائف. أتذكر وقتها أنه كان عزاءً عاديًّا إلّا من شيء واحد: أنّ الكثير ممن لم أرهم يومًا سوية في مجلس واحد أتوا. ربما كنت أعلم أن بينهم ما بينهم من خلافات ومشاحنات، وبعضهم وصلت لقضايا ومحاكم… لكن الجميع حضروا.

لم أكُن قريبًا من جدي لأمي رحمة الله عليه، وحين توفى لم يترك منصبًا أو ثروةً أو إنجازًا حقيقًا يُكتب للتاريخ. لكن تجربة العزاء أثرت فيّ كثيرًا. كيف استطاع هذا الشخص أن يجمع القلوب عليه؟
كيف استطاع أن يُجالس أصدقاء أولاده -كما سمعت-، وما الذي دفع من بينهم عداوة أن يجتمعوا لأول مرة في عزائه وقد رحل؟
لم أرَ شخصًا قريبًا مني وعليه هذا الإجماع كجديّ عبدالله رحمات الله عليه.

ربما هو أمرٌ نستيسره، لكنه صعبٌ جدًا. أن تقضي حياتك على هذا الكوكب دون أن تُسيء لأحد أو تظلم أو تجرح، أن تفكر مليًا في كلامك العابر، وسكناتك وحركاتك. أن تستجمع قوتك لتمسك غضبك و تعفو عن من ظلمك أو تتغافل عن التفاصيل الصغيرة التي لا تغيب عنك.
ربما لن يذكر التاريخ جدي، لكني هنا أذكر له هذا الدرس الذي لامسني يوم رحيله، أن أحاول جاهدًا أن لا أؤذي أحدًا.


ولأنني أفشل في محاولاتي هذه في كثير من المرات، فأود أن أختم هذه التدوينة باعتذار مكشوف، لكل من أخطأت بحقه. يعلمُ الله أنّ هذا لضعفٍ شديد مني وليس لعناد أو تجبر. ولمن يقرأ هذا في حياتي أو موتي، أقول له اعذرني وسامحني.